المغرب وقطر: ما بعد العداوة

لطالما شاب العلاقات المغربية القطرية نوع من الحذر، لأننا بالمغرب كنا نخشى أن تستعمل تلك الإمارة الصغيرة أموالها ونفوذها ضدنا، لكن بعد زيارة الأمير القطري للمغرب، يبدوا أن تلك العداوة أصبحت من التاريخ.
كيف بدأ الأمر
كانت وزارة الخارجية المغربية تعلم أن أصل المشكل لا ينبني على قواعد العلاقات الدولية، بل إن المشكل كان نفسي بالأساس، وللأمر علاقة بتعليقات كان قد لوح بها الملك الحسن الثاني وفهمت على نحو سيئ من طرف الأمير حمد بن خليفة الذي كان نصب نفسه أميرا جديدا بالقوة بدل أبيه. لكن ولفترة طويلة كان البلدين يعاملان بعضهما بشكل عادي، إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان سنة 2008، وذلك عندما قامت قناة "الجزيرة" القطرية، ببث أخبار مغلوطة عن أحداث سيدي إيفني، واعتبر المغرب أن من شأن ذلك أن يهدد أمنه الداخلي. وقامت السلطات بمنع قناة "الجزيرة" من التصوير والبث في المغرب.
لكن رغم كل هذا فإن العلاقات الإقتصادية لم تتوقف أبدا، فالمغرب حرص على الفصل بين المواقف السياسية والرأسمالية، لكنه لم يكن أبدا ليفضل المال الذي لا يتوقف مقابل خسارة قضية سياسية مهمة.
عهد جديد
في السنة الماضية، قام الملك محمد السادس رفقة طاقم رفيع من الوزراء والمستشارين بجولة على بلدان خليجية، كانت العملية سياسية إقتصادية بامتياز، ضمن المغرب من خلالها سيولة استثمارية قدرها 5 ملايير. كانت قطر أحد الممولين الرئيسيين، ولأن قطر الآن ليست قطر الأمس، مع جلوس الأمير تميم بن حمد على العرض، فإن الزيارة شكلت نقطة بداية لعلاقة ديبلوماسية جديدة. وشهر دجنبر الماضي قام الأمير تميم بزيارة رسمية للمغرب ي الأولى من نوعها، قام خلالها وفد قطري بتوقيع أربع اتفاقيات للتعاون.
ما الذي يريده المغرب؟
يملك المغرب قاعدة من المعطيات تخوله ليكون قبلة للإستثمار الخارجي، قهو بلد مستقر على خلاف مجموعة من البلدان العربية المجاورة، وفي اليد الأخرى لدينا قطر، بلد صغير لكن بصندوق إستثمار عملاق، يجعلها تتموقع في كل البلدان الجذابة، ومنطقيا يبدوا المغرب كأنه أفضل ما في السوق.
لدى المغرب حوالي 8 آلاف عامل في دولة قطر، هؤولاء سيكونون جد مسرورين إذا ما تحسنت العلاقة بين بلدهم وبين قطر، لكن ما يهم الآن هو أن تكون أموال قطر الداخلة للمغرب، رديفة لموقف سياسي صائب. وحسب الديبلوماسية المغربية، فإن الأمر قد تم بالفعل.
ما الذي يجعل قطر مهتمة بالمغرب؟
يقول تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس ما مفاده أنه علينا أن نعلم أن قطر توجد في وضعية صعبة وتواجه عدة تحديات داخل منطقة الخليج، فهي تعتبر مثل الولد العاق بين بلدان المنطقة. والمملكة العربية السعودية نبهت القيادة القطرية في أكثر من مناسبة بمواقف قناة "الجزيرة" المتطرفة في بعض الأحيان، والسبب في ذلك –ربما– أن القناة لم تعد تغطي المواضيع التي تهم الشأن السعودي. ومن جهة أخرى فإن قطر أصيبت بصدمة كبيرة نتيجة الانقلاب الأبيض الذي عرفته مصر، مما يعني أن قطر ستستمر في دعم حركة الإخوان المسلمين.
إضافة إلى كل هذا هنالك الفتور الذي أصبحت تعرفه علاقة قطر مع بلدان مجلس التعاون الخليجي، كل هذه العوامل دفعت قطر إلى بدأ عملية البحث عن شريك في مناطق أخرى، والمغرب يعتبر طرفا أساسيا على الساحة العربية الإسلامية، وبهذا فإن قطر ترى في المغرب شريكا فعالا في المرحلة القادمة كي تسترجع هذه الدولة بريقها.
* عن "الآن" بتصرف.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق